فصل: كتاب الجنايات الثاني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة عبد يجنى عليه في عهدة الثلاث لمن أرش الجناية:

وسألته عن عبد يجنى عليه في عهدة الثلاث لمن أرش الجناية؟ أو جنى هو على رجل فعلى من دية جنايته؟ أعلى البائع أم على المشتري؟ أو هلك بعض مال العبد في عهدة الثلاث وقد كان اشتراه، بماله فقال المشتري أنا أرده إذ ذهب ماله، قال ابن القاسم قال مالك: إن جنى عليه فعقل جنايته لسيده الذي باعه، والمشتري مخير إن أحب أخذه، وإن أحب تركه وإن تلف ماله أو بعضه فالبيع له لازم ولا يفسخ البيع بينهما لذهاب ماله، قال ابن القاسم: وأما ما جنى العبد فلم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن سيده البائع بالخيار إن شاء أسلمه وإن شاء أفتكه، فإن أفتكه كان المشتري على بيعه ولا يضع ذلك منه شيئا إلا أن تكون تلك الجناية عمدا فيكون عيبا حدث إن شاء أخذه وإن شاء رده، بمنزلة العيب الذي يحدث في العهد، وإن أسلمه كان المشتري بالخيار إن أحب أن يفتكه من المجروح بدية الجرح أو يسلمه، فإن أفتكه بدية الجرح نظر، فإن كانت الدية أقل من ثمن العبد أسلم الزيادة إلى البائع، وإن كان كفافا أو أكثر لم يكن للبائع على المشتري شيء.
قال محمد بن رشد: قوله إن عقل ما جني على العبد في عهدة الثلاث للبائع صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن الضمان منه، فدية الجرح له، وأما قوله والمشتري مخير إن أحب أخذه وإن أحب تركه ففيه نظر إلا أن يكون البائع قد برأ الجاني من الجرح؛ لأنه إذا أبرأه من الجرح كان ضمانه من المشتري إن أخذه، وصار كمن اشترى عبدا مجروحا فيجوز باتفاق إن لم يكن الجرح مخوفا، وعلى اختلاف إن كان مخوفا، إذ قد قيل إنه لا يجوز شراء العبد المريض المخوف عليه الموت من مرضه حسبما مضى القول فيه في رسم أخذ يشرب خمرا من كتاب العيوب، وأما إن لم يبره من الجرح فضمانه من الجاني لأنه إن مات من الجرح لزمه قيمته للبائع وانتقض البيع، فرضى المشتري بأخذه إن صح من جرحه غرر لو عقد البيع على هذا ابتداء لم يجز، لكنه أجازه ابن القاسم لتقدم العقد على صحة، كنحو قوله في الكافر يشتري العبد الكافر من كافر على أنه بالخيار، فيسلم العبد في أيام الخيار: إنه إن اختار الشراء بيع على المبتاع، وإن لم يختره بيع على الكافر، فأجاز للمشتري اختيار العبد بعد إسلامه وهو لا يجوز له ابتداء شراؤه، وقد أنكر ذلك عليه سحنون، وقد مضى على هذا المعنى في سماع سحنون من كتاب العيوب، وأما إن كان العبد هو الجاني فقوله إن البائع مخير بين أن يسلم العبد أو يفتكه، فإن أفتكه مضى البيع ولزم المشتري ولم يكن له أن يرده إن كانت الجناية خطأ، وإن أسلمه انتقض البيع فيه وسقط الثمن عن المبتاع إن كان لم يدفعه ورجع إليه إن كان دفعه إلا أن يشاء المشتري أن يفتكه بجنايته لماله فيه من الحق بشرائه إياه، فيكون ذلك له ويثبت البيع ويؤدي الثمن إن كان لم يدفعه، ولا يرجع على البائع بشيء مما أفتكه به، فإن كان لم يدفع الثمن، وهو أكثر مما أفتكه به أسلم الزيادة إلى البائع، وإن كان ما أفتكه به مثل الثمن أو أكثر منه لم يكن له أن يرجع على البائع بشيء؛ لأنه إنما أفتكه لنفسه على ما قاله في الرواية؛ لأنه إنما تكلم فيها على البائع لم ينتقد الثمن، ولا يصح انتقاده بشرط في العهدة وإن كان قد دفع الثمن للبائع ورجع عليه بالأقل منه أو مما أفتكه به لأنه لو أسلمه ولم يفتكه لرجع عليه بجميع الثمن، فإذا أفتكه بأقل من الثمن لم يكن له أن يرجع عليه إلا بما أفتكه به، هذا بيان ما قاله في الرواية ونص عليه فيها.
وفي قوله إن البائع مخير بين أن يفتكه فيمضي البيع أو يسلمه فينتقض إلا أن يشاء المبتاع أن يفتكه نظر إذ لا يملك البائع إسلامه لما انعقد فيه من البيع الذي لا خيار له في نقضه، وقد قال ابن حبيب من أجل هذا إنه إنما يخير بين أن يسلم الثمن أو يفتكه بعقل الجرح، فإن أفتكه مضى البيع، وإن أسلمه وكان مثل عقل الجرح أو أكثر منه لزمه، وإن كان أقل من عقل الجرح ولم يرض بذلك رجع الخيار حينئذ إلى المشتري في افتكاكه، فإن أفتكه لم يكن له على البائع رجوع بما أفتكه به، وإن أسلمه رجع على البائع بالثمن، هذا معنى قوله.
وقوله إن البائع يخير بين أن يسلم الثمن أو يفتكه بالجناية أظهر من قول ابن القاسم في هذه الرواية إنه يخير بين أن يسلمه الثمن أو يفتكه بالجناية، لأنه إنما يملك الثمن لا الرقبة إذ قد عقد فيها البيع.
وظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية وما حكى ابن حبيب في الواضحة أنه لم ير للمجني عليه خيارا في إجازة البيع وأخذ الثمن إذا لم يفتكه البائع منه بالجناية.
والصحيح في النظر أن له في ذلك الخيار، وهو الذي يأتي على ما في كتاب الجنايات من المدونة في الذي يبيع العبد بعد أن جنى إذ لا فرق بين أن تكون جنايته قبل البيع أو بعده في عهدة الثلاث، والصحيح في هذه المسألة على ما قاله في المدونة أنه إن أفتكه البائع بالجناية مضى البيع، وإن لم يفتكه بها كان المجني عليه بالخيار بين أن يجيز البيع ويأخذ الثمن في جنايته، وبين أن يفسخ البيع ويأخذ العبد، فإن أجاز البيع وأخذ الثمن مضى البيع ولم يكن للبائع في ذلك كلام ولا للمبتاع إذا كانت الجناية خطأ وإن لم يجز البيع وأراد فسخه وأخذ العبد كان للمشتري حينئذ أن يفتكه بالجناية ويمضي البيع فيرجع على البائع، وإن كان قد نقده بالأقل من الثمن أو مما افتداه به، وإن كان لم ينقد رجع عليه البائع بما زاد الثمن على ما افتداه به إن كان افتداه بأقل من الثمن على ما قاله في الرواية، وقد يكون الثمن غير عين طعاما أو عرضا فيظهر وجه تخيير المجني عليه في إجازة البيع وأخذ الثمن في جنايته إذا لم يفتكه البائع منه بجنايته، وأما ما تلف من ماله في عهدة الثلاث فلا إشكال ولا اختلاف في أن البيع لا ينقض من أجل ذلك لأن ماله تبع له إذا استثنى وبالله التوفيق.

.مسألة قطعت يده فأخذ عقلها أو صالح على بعض ديتها ثم تآكلت إلى العضد:

ومن كتاب العرية:
وقال في رجل قطعت يده فأخذ عقلها أو صالح على بعض ديتها ثم تآكلت إلى العضد، قال لا شيء له إلا ما أخذ؛ لأن عقل اليد قد قبله، وكذلك لو صالح منها على بعض الدية ثم تآكلت إلى العضد لم يكن له أكثر مما أخذ لأن عقل اليد قد صالح عليه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله لأن دية اليد سواء قطعت من الكوع أو من المرفق أو من المنكب سواء، فإذا أخذ دية اليد وقد قطعت من الكوع أو صالح على ذلك فلا شيء له إن نزا فيها بعد الصلح إلى المرفق أو إلى العضد، والعمد والخطأ في ذلك سواء، ولو تآكل الجرح إلى غير ما صالح عليه مثل أن يقطع من يده أربع أصابع فيأخذ ديتها أو يصالح على بعض ديتها ثم يتآكل الجرح بعد الصلح فتذهب الأصبع الخامسة لوجبت له ديتها إذ لم يصالح عليها، ولو قطعت أولا من يده أصبع أو أصبعان فصالح عليهما أو أخذ ديتها ثم تآكلت بعد الصلح فذهب بقية أصابع يده لافترق العمد في ذلك من الخطأ؛ لأنه يجب في الخطأ أن يرد دية الأصبع أو الأصبعين ويكون جميع الدية على العاقلة بعد أن كانت وجبت على الجاني في ماله، ولا يجب في العمد إلا أن يزاد المجروح على ما أخذ بقية دية اليد من مال الجارح، وقد مضى في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب الديات تحصيل الاختلاف فيمن صالح على قطع يده خطأ أو عمدا ثم نزي فيها فمات فلا معنى لإعادته، ومضى هناك أيضا تحصيل القول فيمن صالح على جرح خطأ أو عمدا عليه وعلى ما يتراقى إليه مما دون النفس أو على ما تراقى إليه وإن تراقى إلى النفس وما يجوز من ذلك مما لا يجوز باتفاق أو على اختلاف.

.مسألة تزويج أبيه له أو وليه المولى عليه وإن كان كبيرا:

ومن كتاب إن أمكنتني من حلق رأسك:
قال ابن القاسم في المولى عليه وإن كان كبيرا: إن تزويج أبيه له أو وليه جائز عليه كما يجوز على الصغير ومبارأتهما عليه جائزة ولا يستأمرانه، قلت لابن القاسم وإن زوجه أبوه ولا مال للمولى عليه يوم زوجه أبوه فالصداق في مال أبيه دينا عليه مثل ما يكون عليه في ابنه الصغير إذا زوجه ولا مال له؟ قال: نعم هو بمنزلة الصغير في حالاته كلها إلا في الحدود والقتل، قال: وحاله كلها حال الصبي، ولا يجوز نكاحه ولا عتقه وإن داينه أحد بشيء لم يعد عليه بشيء وذهب ماله هدرا غير أنه إن كسر جرة أو أحرق بيتا أو أحرق ثوبا أو أفسد شيئا فهو في ماله بمنزلة الصبي إذا كان له مال إلا اتبع به دينا عليه، قال وانظر أبدا كل شيء يلزم العبد مما يكون في رقبته سوى النفس والجراحات فهو في مال الصبي والسفيه إن كان لهما مال وإن لم يكن لهما مال اتبعا به دينا عليهما، قلت فالكبير المولى عليه يسرق هل يقطع؟ قال: نعم يقطع إن سرق ويجوز عليه طلاقه.
قال محمد بن رشد: رأى ابن القاسم في هذه الرواية تزويج الأب لابنه البالغ إذا كان في ولايته والوصي ليتيمه البالغ الذي إلى نظره ومخالعتهما عليه بغير أمره جائزة عليه، وهو دليل قوله في النكاح الأول من المدونة إن إنكاحه إياه لا يلزمه إذا كان قد ملك أمره خلاف ماله في كتاب إرخاء الستور من المدونة من أنه لا يجوز إنكاحه إياه ولا مخالعته عليه بغير إذنه، وهو قول ابن الماجشون في الواضحة، ولابن حبيب فيها من رأيه مثل قول ابن القاسم هاهنا إن إنكاحهما إياه ومبارأتهما عليه لازمة له بغير إذنه كالصغير، ولا اختلاف في أن تزويجهما للصغير ومخالعتهما عليه لازمة، وإنما اختلف هل يطلقان عليه بغير مخالعة؟ ولا اختلاف في أن طلاقهما على الكبير لا يجوز وإنما اختلف هل يجوز خلعهما عليه ويدخل هذا الاختلاف في لزوم الصداق له إذا لم يكن له مال، فقوله إنه بمنزلة الصغير في حالاته كلها إلا في الحدود والقتل يريد أنه بمنزلة الصغير فيما يجوز عليه من فعل الأب والوصي على قياس قوله في هذه الرواية إنه لا يكون بمنزلته على القول الآخر.
وقوله بعد ذلك وحاله كلها حال الصبي يريد إلا في الطلاق؛ لأن طلاقه لازم له، بخلاف الصبي.
وقوله إنه لا يجوز نكاحه ولا عتقه صحيح إلا أن ذلك يفترق إذا وقع، فيرد عتقه على كل حال، وينظر الوصي في نكاحه، فإن رآه نظرا أجازه، وكذلك بيعه وشراؤه.
وأما قوله إنه إن داينه أحد لم يعد عليه بشيء وذهب ماله هدرا فظاهره أن ذلك سواء أنفق ما تداين به في شهواته ولذاته أو في وجود منافعه وما لابد له منه من مصلحته، إذ لم يفرق بين ذلك، وهو نص قوله في المدنية والمبسوطة خلاف قول ابن كنانة فيهما، وخلاف قول أصبغ في نوازله من كتاب المديان والتفليس، وقد مضى الكلام على ذلك هنالك مستوفى.
وأما قوله إنه يلزمه ما أفسد وكسر في ماله بمنزلة الصبي فهو كما قال، ولا اختلاف فيه إذا كان الصبي في سن من يعقل، وأما إن كان في سن من لا يعقل فهو كالمجنون يدخل فيما أفسد من الأموال وجناه من الجنايات ما يدخل في أفعال المجنون وجناياته، وهذا فيما أفسد مما لم يؤتمن عليه، وأما ما أفسد مما أؤتمن عليه ففي ذلك اختلاف.

.مسألة العبد يقتل الحرعمدا فيسلم إلى وليه فيحييه أيباع عليه:

ومن كتاب العشور:
وسئل عن العبد يقتل الحر عمدا فيسلم إلى وليه فيحييه أيباع عليه؟ قال: لا إلا أن يخاف أن يمثل به بعد أن عفا عنه.
قال محمد بن رشد: وهذا بين على ما قاله لا إشكال فيه والحمد لله.

.مسألة حكم الصبي الذي لا يعقل في جناياته:

قال وكل ما أصاب المجنون المطبق والمخبول والصبي الصغير الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها من فساد أموال الناس فهو هدر ولا شيء عليهم في أموالهم كانت لهم أموال ولا يتبعون به في ذمتهم إن لم يكن لهم أموال مثل أن يأتي المجنون بنار فيشعلها في بيت أو يهدم بنيانا أو يكسر آنية أو يهرق إداما أو نحو هذا والصبي أيضا مثله فيما أفسد من ذلك مثل أن يأخذ لؤلؤة فيكسرها بحجر أو يأخذ جوهرا فيلقيه في النهر، فجميع ما أصابوه من أموال الناس مثل ما أخبرتك من حرق ثوب أو غيره فهو هدر ولا شيء عليهم، وما أصابوه من قتل أو جرح يبلغ الثلث فصاعدا فهو على عواقلهم، وأما إن كان أدنى من الثلث فهو في أموالهم إن كان لهم أموال، وإلا اتبعوا به دينا مثل الصبي يحبو إلى الرجل النائم فيطعنه أو يقتله أو يفقأ عينه.
قلت فالمجنون هل يعقل ما عليه مع عاقلته؟ قال: لا، وهو بمنزلة الصبي لا يعقل معهم، قال: وكل ما أفسد الصبي الذي قد عقل أو الكبير المولى عليه من أموال الناس وأصابوه برميه تعمد ذلك من حرق ثوب أو كسر آنية وهدم بيت أو إهراق زيت أو غير ذلك من الإدام أو ما أفسد من أموال الناس أو ما أصابوه برمية تعمدوا ذلك أو لم يتعمدوا فذلك في أموالهم إن كان لهم مال وإلا اتبعوا به دينا، قال: وما أصاب الكبير المولى عليه به إنسانا من قتل أو جرح عمدا فإنه يقاد منه، وما أصاب به خطأ فهو على عاقلته إلا أن يكون أدنى من الثلث فهو في ماله.
وما أصاب به الصغير الذي لم يبلغ الحلم وإن كان يعقل به إنسانا من قتل أو جرح عمدا أو خطأ فهو على العاقلة، ولا يقتص منه إلا أن يكون الذي أصاب من ذلك أدنى من الثلث فيكون في ماله إن كان له مال أو يتبع به دينا إن لم يكن له مال.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في أن حكم الصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها في جناياته على الأموال أو في الجراح والدماء حكم المجنون سواء، وقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال، أحدهما أن جنايتهم على الأموال في أموالهم، وعلى الدماء على عواقلهم إلا أن يكون أقل من الثلث ففي أموالهم، والثاني أن ذلك هدر في الأموال والدماء، والثالث تفرقته في هذه الرواية بين الأموال والدماء حسبما ذكرناه سماع أشهب ولكل قول منها وجه قد مضى بيانه في رسم مرض من سماع ابن القاسم من كتاب طلاق السنة، وأما إذا كان الصبي يعقل فلا اختلاف في أنه ضامن لما جنى عليه من الأموال بالعمد والخطأ وأن عمده فيما جناه في الدماء خطأ يكون عليه من ذلك من ماله ما كان وعلى عاقلته ما بلغ الثلث فأكثر، وأما الكبير المولى عليه فحكمه في جناياته في الأموال وفي الدماء حكم المالك لأمر نفسه الذي ليس في ولاية يضمن ما استهلكه من الأموال ويقتص منه فيما جناه عمدا في الدماء.

.مسألة يؤاجر عبده سنة فيعتقه قبل السنة:

ومن كتاب إن خرجت:
وسئل عن رجل يؤاجر عبده سنة فيعتقه قبل السنة، قال: لا يعتقه حتى السنة، قيل له: فكراؤه لمن؟ قال: كراؤه لسيده استثنى مال العبد أو لم يستثنه، قيل له فلو كانت أمة هل كان له أن يطأها؟ قال: لا يطأها، قال أصبغ: لا أرى للسيد من الأجرة إلا ما وجب له قبل العتق كان قد قبضها أو لم يقبضها وسائرها للعبد.
قال محمد بن رشد: قوله إنه لا يعتق حتى السنة، هو مثل ما في غير موضع من المدونة، ومثل ما في رسم يوصي لمكاتبه من سماع يحيى من كتاب الخدمة، وظاهر قول ابن القاسم أن الكراء لسيده قبضه أو لم يقبضه خلاف قول أصبغ، وأما قوله إنه لا يطأها إن كانت أمة فهو بين لا إشكال فيه؛ لأنها معتقة إلى أجل، وقال ابن حبيب الإجارة أملك به وهو حر بتمامها ولا يلحقه دين، وأحكامه أحكام عبد، واختلف في إجارته لمن هي؟ فقال مالك السيد فإن أراد حرا بتمام الإجارة صدق والإجارة له قبضها أو لم يقبضها، وإن قال أردت تعجيل العتق فالإجارة للعبد قبضها أو لم يقبضها وفي المدنية لمالك من رواية داود بن جعفر عنه مثل ما حكى ابن حبيب عنه وزاد أنه يحلف إن أراد حرا بتمام الإجارة، وما حكى ابن حبيب عن مالك من أن السيد يسأل هل أراد تعجيل العتق الآن أو تأخيره إلى انقضاء أجل الإجارة يجب أن يحمل على التفسير لقول ابن القاسم، فإن مات قبل أن يسأل أو سئل- فقال لم تكن لي نية فيتخرج ذلك على قولين، أحدهما أنه محمول على أنه أراد حريته بعد تمام الإجارة ويكون له الإجارة وهو ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية، وظاهر ما حكاه ابن حبيب عن مالك من أنه يصدق إن قال إذا سئل أردت حرا بتمام الإجارة إذ لم يقل يستحلف على ذلك، فالمعنى في قوله أنه رأى له الإجارة إلا أن يقول أردت تعجيل عتقه فيصدق في ذلك على نفسه، والقول الثاني أنه محمول على أنه أراد حريته من الآن فإن ادعى أنه أراد حريته بعد انقضاء أجل الإجارة صدق في ذلك مع يمينه، وهو معنى قول مالك في رواية داود بن جعفر عن مالك، فتحصيل المسألة أن فيها ثلاثة أقوال أحدها أنه يحكم عليه بما ظهر منه من تعجيل حريته ولا يصدق إن قال إنما أردت أنه حر بتمام الإجارة، وهو قول أصبغ، والثاني أنه يصدق مع يمينه أنه قال أردت أنه حر بتمام الإجارة، وهو قول مالك في رواية داود بن جعفر عنه، والثالث أن أمره يحمل على أنه إنما أراد حريته إذا انقضت الإجارة إلا أن يقول أردت تعجيل حريته فيصدق في ذلك على نفسه، وتكون الإجارة للعبد وهو ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية وما حكى ابن حبيب عن مالك، وقال ابن نافع هو حر وعليه أن يخدم وأما في الحد فحده حد عبد، وقول ابن نافع مثل قول أصبغ إذ لا اختلاف بينهم في أنه لا يعتق حتى تنقضي الإجارة وأن أحكامه كلها أحكام عبد في الحدود وغيرها كالمعتق إلى أجل وبالله التوفيق تم كتاب الجنايات الأول بحمد الله.

.كتاب الجنايات الثاني:

.مسألة مدبر جرح عبدا فنزي في جرحه فمات العبد وقد عاش المدبر:

من سماع يحيى بن يحيى من ابن القاسم من كتاب الكبش قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن مدبر جرح عبدا فنزي في جرحه فمات العبد وقد عاش المدبر أيقتل به أم تكون عليه قيمة العبد ويسقط القود عنه؟ فقال إذا جرح المدبر العبد عمدا أو كان الجارح عبدا غير مدبر فالأمر فيهما سواء، إن ترامت بالعبد المجروح جراحته فنزى فيها فمات حلف سيد العبد المجروح بالله يمينا واحدة لمات من تلك الجراح واستحق قيمة عبده على سيد العبد الجارح إلا أن يسلمه إليه، فإن كان عبدا أسلم إليه رقبته، وإن كان مدبرا أسلم خدمته يختدمه بالجرح، وإن لم ينظر في أمره حتى يعتق المدبر بموت سيده كان ذلك دينا على المدبر يتبع به، ويسقط عن ورثة سيده ما كان يلزمه من التخيير في ذلك، وذلك أن الدم لا يستحق إلا بالبينة على القتل والقسامة مع اللوث، والعبيد ليست فيهم قسامة، فمن أجل ذلك لم يستقد من المدبر أو العبد الذي جرح عمدا فنزى في جرحه فمات؛ لأن دمه إنما استحق بيمين سيده وحده مع الجراحات التي كانت تثبت بالبينة.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله لا إشكال فيه؛ لأن دم العبد ومن فيه بقية كالمدبر والمكاتب والمعتق إلى أجل لا يستحق بالقسامة فلا يقتص له ممن قتله من العبيد إلا بإقرار القاتل بالقتل أو قيام البينة على القتل المجهز ولو قتل العبد حرا لاقتص منه بالقسامة مع قول المقتول أو مع شاهد على القتل أو بشاهدين على الجرح باتفاق، أو مع شاهد واحد على الجرح أو على إقرار القاتل بالقتل على اختلاف، وقد مضى تحصيل القول في هذا في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الديات.

.مسألة الدية كاملة تجب في ذهاب العقل جملة وفي ذهاب الكلام جملة:

قال يحيى قال ابن القاسم إنما يقدر نقصان الكلام والعقل باجتهاد الناظر على ما يتوهم إذا ما اختبره أياما أهل العدل والتجربة فقالوا إنه ليقع في أنفسنا قد ذهب نصف كلامه أو ثلثه أو ربعه فكان ذلك عندهم بينا بتوهمهم واجتهادهم أعطي على قدر ذلك، فإن شكوا فقالوا هو الربع أو الثلث أعطي على الثلث، وكان الظالم أولى أن يحمل عليه، قال: والعقل كذلك إن قالوا إنه يفيق أكثر نهاره بإفاقته قدر ثلثي نهاره أو ثلاثة أرباعه أو نحو ذلك أعطي على قدر ما رأوه، وإن شكوا احتيط له على الجاني مثل ما وصفت لك في تجربة الكلام، وقد قال بعض الناس على الأحرف في البا والتا وهو أحب ما سمعت إلي.
قال محمد بن رشد: الدية كاملة تجب في ذهاب العقل جملة وفي ذهاب الكلام جملة أيضا، فإذا ذهب بعض العقل أو بعض الكلام أعطى من الدية بقدر ما ذهب من كلامه أو من عقله على ما يقدر ذلك أهل المعرفة والبصر بعد التجربة لذلك وبعد يمينه هو على ذلك على ما مضى في رسم العقول من سماع أشهب، وقوله إنهم إن شكوا في ذلك بين الثلث أو الربع أعطى الثلث وكان الظالم أولى أن يحمل عليه، فالوجه في ذلك أنهم إذا شكوا في قدر ما نقص من عقله أو كلامه فقد شكوا في قدر ما بقي من عقله أو كلامه، فإذا لم يعلموا هل بقي من عقله أو من كلامه ثلثاه أو ثلاثة أرباعه وجب أن يعمل في ذلك على اليقين ويطرح الشك، والذي يوقن به أنه قد بقي من كلامه ومن عقله ثلثاه فيكون له ثلث الدية وأن يؤخذ من الجاني شيء من الدية بشك أولى من أن يسقط من حق المجني عليه شيء من الدية بشك؛ لأنه إن أخذ من الجاني أكثر من دية ما جنى فبجنايته، وإن أسقط من حق المجني عليه شيء فلغير سبب، إذ ليس بجان ولا متعد، ولو كانت الجناية خطأ فشكوا في مقدار ما نقص من كلامه هل هو الثلث أو الربع لكان الأولى ألا يحكم إلا بالأقل، وقول من قال إنه ينظر فيما نقص من كلام المجني عليه إلى عدد الحروف ليس بصحيح لما قاله في المدونة من أن بعض الحروف أثقل على اللسان من بعض، ولأن بعض الحروف لا حظ للإنسان فيها كالبا والميم.

.مسألة يؤاجرعبده سنة ثم يعتقه فيجرح العبد رجلا أو تكون أمة فتلد:

ومن كتاب الصبرة:
قال: وسألته عن الرجل يؤاجر عبده سنة ثم يعتقه فيجرح العبد رجلا أو تكون أمة فتلد بعدما عتقت وقبل أن يجنى، قال: أما العبد فإن سيده يخير بين أن يفتديه ولا غرم عليه فيما أخذ من أجرته للسنة ويكون عتيقا بعد السنة وإن كره افتداه خير المستأجر فإن شاء افتداه واختدمه بقية الأجرة، وإن شاء فسخ الإجارة وحاسب سيده بما مضى منها وقبض منه ما بقي عليه ويكون العبد حرا ساعة تنتقض الإجارة، وذلك أن المستأجر لو لم يجن العبد جناية غير أن سيده أعتقه بعدما أجره منه فشاء المستأجر أن يفسخ الإجارة فعل، وعجلت الحرية للعبد وغرم السيد للمستأجر ما بقي من استكمال أجرته، فإن كان رضي بفسخ الإجارة وقد جنى العبد فهو حر ساعة إذ يفسخ، ويكون عقل ما جنى العبد دينا على العبد يتبع به.
قلت: أرأيت إن افتداه سيده أيكون ما غرم عنه من عقل الجناية دينا له على العبد يتبعه به لأنه افتداه وقد أعتقه؟ قال: وأما ولد الأمة الذين ولدوا بعد العتق وقبل الجناية.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر؛ لأن ما قاله في الذي يؤاجر عبده سنة ثم يعتقه فيجرح العبد رجلا من أن المستأجر يخير إذا أبى السيد أن يفتديه بين أن يفتديه بجنايته ويختدمه بقية الأجرة وبين أن تفسخ الإجارة ويحاسب سيده بما مضى منها فيعجل له الحرية ويتبع بما جني دينا ثابتا في ذمته لا يستقيم، ووجه العمل في هذا أن يبدأ بتخيير المستأجر بين أن يفسخ الإجارة وبين أن يتمسك بها، فإن فسخها عجلت له الحرية واتبع في ذمته بالجناية، وإن أبى إلا التمسك بالإجارة كان ذلك له وخير السيد حينئذ بين أن يفتكه بالجناية وتكون له الإجارة، وبين أن يسلم الإجارة للمجني عليه لم يكن له إلا أن يأخذها من جنايته، فإذا انقضت عتق العبد واتبعه بما بقي من جنايته في ذمته، إذ ليس له أن يفسخ الإجارة لتقدمها على الجناية.
وقوله في الرواية إن المستأجر يخير فإن شاء افتداه واختدمه بقية الإجارة، وإن شاء فسخ الإجارة يدل على أنه رأى أن من حق المجني عليه إذا أبى السيد أن يفتكه بالجناية أن يفسخ الإجارة فيؤاجر له من غيره، إذ قد يجد من يؤاجره بأكثر من ذلك، فيكون من حق المستأجر حينئذ أن يفتكه بالجناية ليبقى العبد في إجارته.
ولما سأله في الرواية هل للسيد إذا افتداه بالجناية أن يتبع العبد ذلك في ذمته سكت له عن الجواب في ذلك، والجواب في ذلك أنه ليس له أن يتبعه بذلك لأنه إنما فداه ليستحق بذلك الإجارة إذ ليس يلزمه أكثر من أن يسلمها، ولم يجب أيضا ما يكون حكم ولد الأمة الذين ولدوا بعد العتق وقبل الجناية؟ هل يدخلون في الجناية أم لا؟ ولا إشكال في أنهم لا يدخلون في الجناية؛ لأنهم ولدوا قبلها، ولو ولدوا بعدها لما دخلوا في الجناية على المشهور في المذهب، فكيف إذا ولدوا قبلها، وإنما الكلام هل تعجل حريتهم أو لا يعتقون إلا بعتق أمهم إذا انقضت الإجارة، والذي يوجبه النظر أن تعجل حريتهم لأن الأم إنما منع من تعجيل حريتها ما سبق من الإجارة فيها، والولد لا إجارة فيهم، فوجب أن تعجل حريتهم.

.مسألة يجني مدبره جناية فيسلمه إلى المجروح فيختدمه بعقل جنايته:

وقال في الرجل يجني مدبره جناية فيسلمه إلى المجروح فيختدمه بعقل جنايته ثم يبدو للسيد بعد إسلامه إياه أن يفتديه بعقل الجناية أو بما بقي على المدبر من عقل الجناية بعدما خدم المجروح زمانا إن سيده أحق بمدبره متى ما بدا له في افتدائه فإنه يغرم ما بقي على المدبر من عقل الجناية ويكون أحق به، ولا يضره إسلامه إياه أولا، وليس حاله في إسلام المدبر كحال السيد إذا أسلم رقبة عبده الجاني؛ لأن سيد المدبر إنما أسلم خدمته ولم يكن له أن يسلم رقبته ولا يسترق بإسلامه إياه ولا ينتقض بذلك تدبيره، وإنما للمجروح استخدامه بالجراح، فهو إنما يقتضي عقل جرحه مفترقا شيئا بعد شيء، فإذا جمع له ذلك سيد المدبر متى بدا له فلا حجة للمجروح إن أراد التمسك باستخدام المدبر، فلذلك كان سيده أحق به، وأما العبد الذي ليس بمدبر فإذا أسلمه سيده رق للمجروح، وإنما يسلم سيده رقبته، وليس يسلم خدمته، فلذلك كان المجروح الذي أسلم إليه العبد أحق برقبته إذا أسلمه إليه سيده، ولا يجوز للسيد بعد إسلامه أن يقول أنا أفتديه وأكون أحق به.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله لا إشكال فيه؛ لأن المجني عليه إذا أسلمت إليه خدمة المدبر لا يستحقها بجنايته، وإنما له أن يستوفى منها جنايته، ألا ترى أنه إن استوفى جنايته من خدمته قبل موت سيده رجع المدبر إلى خدمة سيده، ولو أسلم المجني عليه خدمة المدبر حياة سيده في جنايته على ألا يكون له سواها طالت حياة سيده أو قصرت لكان ذلك من الغدر الذي لا يحل ولا يجوز.

.مسألة تجني أم ولده ثم يتبين أنها أخته من الرضاعة:

ومن كتاب أوله يشتري الدور والمزارع للتجارة:
وسئل عن رجل تجني أم ولده ثم يتبين أنها أخته من الرضاعة قبل أن يقام عليها بعقل جنايتها وقبل أن يعتقها عليه الإمام على من يكون عقل ما جنت؟ فقال: على سيدها أن يخرج قيمتها، ولا يتبع الأمة بشيء من ذلك؛ لأنه قد وجب عليه افتداؤها، وإنما عتقت عليه للحرمة التي ثبتت لها، فلما تبين أن وطأها لا يحل له ولم يكن بقي له فيها إلا الاستمتاع بها عتقت عليه، ولو أن قائلا قال لا يعتق لكان غير تارك لسنة مضت، فعتقها ليس بالقوي الماضي المجتمع عليه، فلذلك وجب عليه غرم قيمتها، قال سحنون الجناية عليها دينا تتبع به مثل أم ولد النصراني سواء، قال لابن القاسم: فأم ولد النصراني تسلم ثم تجني جناية قبل أن تعتق عليه؟ قال: عقل جنايتها عليها دينا تتبع به؛ لأنه لا ينبغي أن تعتق على سيدها لإسلامها ويغرم عنها عقل جنايتها؛ لأن عتقها لازم ثابت عليه لا ينبغي لها أن ترق له على حال، فلذلك لا تتبع بشيء من جنايتها.
وسئل أصبغ عن أم ولد النصراني تسلم ثم تجرح رجلا قبل أن يحكم السلطان بعتقها، قال: جنايتها دين على سيدها تؤخذ من ماله إن كان له مال وإلا اتبع به دينا ويعتقها عليه السلطان بإسلامها إلا أن يسلم فيكون أولى بها تكون أم ولد على حالها.
قلت ولم جعلت جنايتها دينا على سيدها وأنت تعتقها عليه وتخرجها من يديه؟ قال: من قبل أنها لو ماتت بعد إسلامها وقبل أن يحكم بعتقها لورثها؛ لأنها لن تخرج من رقه بعد، ولو أنه أسلم قبل أن يحكم بعتقها لكان أولى بها، وتكون أم ولده على حالها، ولو قتلت أيضا على تلك الحال كانت قيمتها قيمة أمة لسيدها، فلهذا جعلت الجناية عليه، ولأنه أيضا لا يقدر على إسلامها إلى المجروح لأنها أم ولده ويفتكها كما يفعل بالمسلمة.
قال محمد بن رشد: تفرقه ابن القاسم في هذه الرواية بين جناية أم ولد المسلم قبل أن تعتق عليه بما ظهر من أنها أخته من الرضاعة وبين جناية أم ولد النصراني بعد إسلامها قبل أن تعتق عليه أن أم ولد المسلم يلزم سيدها افتكاكها ولا يصح له إسلامها في الجناية بحال تقدمت جنايتها للمعنى الموجب لعتاقتها من ثبوت كونها أخته من الرضاعة وتأخرت عن ذلك فوجب ألا تنتقل الجناية عنه بما وجب من وجوب عتقها عليه، وأم ولد النصراني لوجب قبل وجوب العتق بإسلامها لم يكن عليه أن يفتديها وكان له أن يسلمها لجنايتها وإن أسلمت، وتكون رقيقا للمجني عليه، قال ذلك أبو زيد في الثمانية إن إسلامها بعد الجناية ليس بالذي يمنعه من إسلامها، وقد قيل إنه إنما له أن يسلمها بجنايتها ما لم تسلم بعد الجناية، فإن أسلمت بعد الجناية عتقت، وكانت الجناية دينا عليها كما لو جنت بعد إسلامها، فوجب إذا جنت بعد إسلامها أن تعتق لإسلامها وتكون الجناية دينا عليها، فهذا وجه تفرقة ابن القاسم بين المسألتين وساوى سحنون بين المسألتين في أن الجناية تكون عليها إذا أعتقت لا على السيد، هذا قوله في هذه الرواية إن الجناية عليها دينا تتبع به مثل أم ولد النصراني سواء، يريد إن أسلمت، وله في كتاب ابنه أنها تتبع بالأقل من قيمتها أو الجناية، وساوى أصبغ بين المسألتين في أن الجناية تكون عليه لا عليها؛ لأنه إذا قال ذلك في أم ولد النصراني تجني بعد أن أسلمت فأحرى أن يقوله في أم ولد المسلم إذا جنت ثم ثبت أنها أخته من الرضاعة، فوجب أن تعتق عليه فإذا جنت أم ولد النصراني ثم أسلمت فقيل إن سيدها يخير بين أن يسلمها فتكون رقيقا للمجني عليه أو يفتكها فتعتق عليه، وهو قول لأبي زيد في الثمانية، وقيل إنها تعتق عليه وتكون الجناية دينا عليه لا عليها على القاسم تعتق بها عليه لا عليها وهو قول أصبغ وبالله التوفيق.